الجمعة، 16 أكتوبر 2015

سحر البيان في تعدد قراءات القرآن .. الدرس الأول







سحر البيان في تعدد قراءات القرآن .. الدرس الأول
فوائد ووقفات


 

للاستماع للمحاضرة .. من هنـــــــــا



الهدف من الدورة : تعلم مفهوم القراءات وتعليمه لعامة الناس .

القراءات لم تنزل عبثا وإنما هي وحي من عند الله عز وجل على رسوله ثم تناقلها الصحابة الى أن وصلت إلينا بصورتها هذه .

القراءات .. أن الله عندما أنزل القرءان على نبيه كان هناك بعض الكلمات من القرءان تنطق بأكثر من طريقة وكل طريقة في النطق لها معنى ولها أثر في المعنى الذي أراده الله . فالله سبحانه بدلا من أن يكرر الآية مرتين أنزل القراءتين أو أكثر في الكلمة ليبين المعنى المراد من كل قراءة وردت.

القراءة قد تتنزل في الكلمة الواحدة في موضع ما في سورة ما بدون بقية المواضع .

مثل : (مالك يوم الدين ).

هذه الكلمة فيها قرائتان : مالك يوم الدين , ملك يوم الدين .

بين القرائتين فرق في المعنى والمعنيين أرادهما الله سبحانه.

مالك : من المِلك بكسر الميم وهو ملك الأعيان المحسوسة , مثلا أنا أملك الاب توب والساعة والجوال مِلكا أي أن هذا الشئ مِلك لي.

ملك: بمعنى المُلك : تشير اليه قراءة ملك يوم الدين وهو الأمر والنهي والتصرف والتدبير في الاشياء . بمعنى أنك قد تملكي سيارتك ملكا باسمك ولكن لا تملكين أن تبيعيها إلا باذن من في البيت مثلا كالزوج .

مالك يوم الدين من المِلك ..  ملك يوم الدين من المُلك .

يوم الدين : لا مِلك لأحد ولا مُلك لأحد .

في سورة غافر ( لمن الملك اليوم ) لا مجيب فيجيب سبحانه ( لله الواحد القهار) .

تنبيه تأصيلي : إلى عدم المفاضلة بين القرائتين .

سورة الناس ( ملك الناس ) لم يرد فيها قراءة أخرى لماذا ؟

لأنه قوله برب الناس أي مالكهم وخالقهم فمعنى المِلك موجود فبقي معنى المُلك فأتى بهذه القراءة .

( قل اللهم مالك الملك ) لم ترد قراءة أخرى . لأن المُلك موجود .

احتجاج على ( ملك الناس ) اكتفى بها فلم ينزل مالك فلماذا نزلت قراءتين في سورة الفاتحة ؟ والله سبحانه يقول ( الحمد لله رب العالمين) ؟

اخبار الله عن الحمد له رب العالمين في الدنيا والاخرة , لكن في آية مالك يوم الدين يريد الله نفي المُلكية والمِلكية فنزلت القراءات.

مثال آخر :  ( إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا )

1-يُضَل : حمزة – الكسائي – خلف- حفص

2-يُضِل : يعقوب

3- يَضِل : البقية نافع –ابن كثير –ابو عمرو –ابن عامر – شعبة –أبو جعفر

الله سبحانه يذكر تحريم النسئ حتى لا يكون على هواهم.

لما قال سبحانه ( إنما النسئ زيادة في الكفر )

كيف هو زيادة في الكفر؟

على ثلاث مراحل : 1- يُضَل : يقع الضلال عليهم من الغير .

2- يُضِل : هل استجابوا لهذا الاضلال أم حاولوا أن يرفضوه ؟ هنا تأتي هذه القراءة أي استجابوا بسرعة لهذا الاضلال . ثم تأتي طبيعة النفس بإضلال غيرهم معهم . فتأتي القراءة الثالثة .

3-  يَضِل : اضلالهم لغيرهم بعد ضلالهم .

سؤال : على من يقع اللوم هل على المُضِل أو الضال ؟

في قصة موسى والسامري .. موسى عاتب قومه الذين ضلوا , لأن الانسان له عقل وتمييز ثم عاتب هارون ,ثم عاتب السامري .

فكل قراءة لم تأتي عبث أبدا وإنما لكل قراءة دلالة على معنى أراده الله تبارك وتعالى.

مثال آخر : الضَّر – الضُر

إحصاء الكلمة في القرءان : الضُر بمعنى سوء الحال , الضَر الحاق الأذى.

الضُر ( وأيوب إذ نادى ربه أني مسنى الضر )  يعني سوء حاله .

( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه ) يعني سوء الحال .

الضَر يدل على الحاق الأذى بدليل أنه دائما يقابل النفع ( لا يملكون لأنفهم نفعا ولا ضَرا )

موضع وحيد في سورة الجن ( ضَرا ولا رشدا ) الرشد هنا بمعنى الابتداء وحسن التصرف.

هنا سؤال لأهل القراءات : كل كلمة الضُر بمعنى سوء الحال لم ترد فيها قراءة أخرى .

أما الضَر الذي يقابل النفع بالفتح اتفاق على جميع المواضع إلا موضع واحد ورد فيه قراءتان , هو موضع سورة الفتح ( قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضَرا ولا نفعا )

حمزة والكسائي وخلف العاشر قرؤوا بالضم هنا . لماذا هنا قراءتان ؟

لابد أن نبحث في سياق الآيات التي ورد فيها الضر المقابل للنفع لنجد أنه مسند إلى مخلوق إلا موضع سورة الفتح فهو مسند إلى إرادة الله ( قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضَرا ولا نفعا ) إن أراد بكم ضَرا : الحاق أذى , وإن أراد بكم ضُرا : سوء الحال .

-لا ترد القراءة إلا حيث يراد المعنى .

مثال آخر : في سورة الجن ( وأنا وأنه ) و( وإنا وإنه )

 في موضع قال الشاطبي فيه : وعن كلهم أن المساجد فتحه. أن كل القراء على فتح الهمزة فيه.

لماذا وردت القرائتين في كل الآيات إلا هذا الموضع؟

الآية الأولى من السورة ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن ) فيها أنه استمع , وإنا سمعنا

فرق بين إعرابها ... أنه استمع : نائب فاعل وحي مباشر من الله لنبيه.

إنا سمعنا : مَقٌول القول أي الكلام الذي تكلم به الجن الذي أوحاه الله لنبيه.

فكل قراءة بفتح الهمزة بعد ذلك تكون معطوفه على ( أنه استمع ) وتكون من وحي الله المباشر لنبيه.

وكل قراءة بكسر الهمزة بعد ذلك تكون معطوفة على ( إنا سمعنا ) وتكون من كلام الجن الموحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

نعود لماذا لم ترد قراءة ثانية في ( وأن المساجد لله ) لأنه أمر متعلق بتوحيد الله الذي فطر العباد عليه فلم يرد سبحانه أن يكون توحيده من الكلام الموحى الى النبي على لسان الجن .

وإنما جعله بالفتح فقط ليكون من وحي الله المباشر نظرا لتعلقه بتوحيد الله عز وجل .


 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق