الأربعاء، 27 يوليو 2016

المحاضرة الحادية و العشرون لشرح الشاطبية لفضيلة الشيخ الدكتور محمود شمس حفظه الله.. باب الفتح والإمالة وبين اللفظين الجزء الثالث


المحاضرة الحادية و العشرون لشرح الشاطبية لفضيلة الشيخ الدكتور محمود شمس حفظه الله.. باب الفتح والإمالة وبين اللفظين الجزء الثالث





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وأنفعنا بما علمتنا يا رب العالمين .
وبعد ..
فإني أحييكم بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 وإني لأسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدورنا ، وأن ينير قلوبنا بفهم كتابه وتدبره والعمل بما فيه .
وها نحن نلتقي في لقاءنا هذا حول : باب الفتح والإمالة .
أظن كنا توقفنا عند قول الشاطبي يرحمه الله :
رَمَى صُحْبَةٌ أَعْمَى فِي الاِسْراءِ ثَانِيًا          سُوًى وَسُدًى فِي الْوَقْفِ عَنْهُمْ تَسَبَّلاِ
رمى صحبة : قلت إن منهج الشاطبي أنه إذا يعني كان هناك من يأتي الباب دائمًا له ، بمعنى أن الإمالة دائمًا مثلًا لحمزة والكسائي ، وهناك من وافقهم في بعض المواضع ، فإذا أراد أن يذكر تلك المواضع أعاد الرموز للكل .
وأنا قلت بأن هذا أولى ؛ لأنه مثلا هنا في كلمة (رمى صحبة) : صحبة : حمزة والكسائي ومن ؟ وشعبة .
فيعتبر الذي زاد هو شعبة ، فلو ذكر لشعبة وحده لكان البعض توهم ! يا ترى هو قصد استثناء هذا الموضع من حمزة والكسائي ؟ أم أن حمزة والكسائي لهم أيضًا في هذا الموضع .يعني يذكرهم مرة أخرى .
وأنا قلت : إن التوكيد أولى . وأظن بأني ضربت مثلًا بهذا .
وانتهينا من : أَعْمَى فِي الاِسْراءِ ثَانِيًا
 أنا قلت أن ( أعمى ) في سورة الإسراء تكرر مرتين في آية واحدة ( وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا )
فالذين يميلون الموضع الثاني : هم صحبة أيضًا ( حمزة والكسائي وشعبة ) .
سُوًى وَسُدًى فِي الْوَقْفِ عَنْهُمْ تَسَبَّلاِ
أي : أن كلمة (سُوًى) وَ(سُدًى) إذا وقفنا ؛ لأن هذا الكلمات منونة ، فإذا وقفنا طبعا لن ننون ، فتكون معي هنا إمالة عند الوقف أيضًا نفس المرموز لهم بـ( صحبة ) .
ومعنى تسبلا : أي أبيحا .
سُوًى وَسُدًى فِي الْوَقْفِ عَنْهُمْ تَسَبَّلاِ
يعني : أبيح لهم  الإمالة في هذا الموضع .
وَرَاءُ تَراءَى فازَ فِي شُعَرَائِهِ          وَأَعْمى فِي الاِسْرا حُكْمُ صُحْبَةٍ اَوَّلَا
في قول الله تعالى : (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ ) الذي في سورة الشعراء عندنا فيها ألفان .
ألف بعد الرا ، وألف بعد الهمزة .
الألف الذي بعد الهمزة : هو منقلب عن ياء ، لكنه سقط لفظًا لالتقاء الساكنين .
( تَرَاءَى الْجَمْعَانِ ) : يعني لا نمده ولا نثبته .
وبالتالي في الوصل الكلام فقط على إمالة الألف الذي بعد الرا .
مع أن الرا تبعٌ للألف في الإمالة ، يعني الذي يمال في الأصل إنما هو الألف ، لكن الألف لن تظهر فيه الإمالة إلا إذا أملنا ما قبله .
فالألف الذي بعد الراء لن تظهر فيه الإمالة إلا إذا أملنا الراء.
طيب الشيخ الشاطبي المرة هذه بيعبر بالرا لماذا ؟ هو دائما يعبر عن إمالة الألفات ، مع أن الراء تبعٌ لإمالة الألف .
لأن خلِ بالك معي كلمة ( تَرَاءَى ) الآن كما قلت لك فيها ألفان .
فلو قال أَمِل الألف لكنا احترنا ، يا ترى أي ألف ! هل قصد الذي بعد الراء ، أم قصد الذي بعد الهمزة ؟
ولو قال أَمِل الألف الذي بعد الراء فيها تطويل على النظم ، والنظم لا يسمح ؛ لأن النظم عنده قواعد شعرية أيضا.
إذن : هو عبّر بالراء ها هنا احترازًا من الخلط واللبس بين  الألفين .
يبقى عندي فاز:  وهو حمزة المرموز له بالفاء يميل الألف التي بعد الراء ، وبالتالي لن تظهر الإمالة إلا بإمالة الرا . ماشي كده
تلك الكلمة هذا هو ما فيها وصلا فقط ، حمزة يميل الراء وصلًا فقط ، مش يميلها هي وصلا ؟ لا
يعني هو الوحيد الذي له إمالةٌ فيها في حالة  الوصل ، لكنّ إمالته ستكون في الوصل وفي الوقف .
أنا بس استدركت حتى لا تفهموا كلامي خطأً ؛ لأن تقريبا كان في عدم حسن تعبير مني .
لكن إذا وقفت على كلمة ( تَرَاءَى ) أصبح معي ألف ذات ياء وهي التي بعد الهمزة .
دعنا  من الألف التي بعد الراء ، ألفٌ بعد الهمزة فهذه بالطبع الكسائي سيكون له فيها إمالة ؛ لأنها منقلبة وكذلك حمزة.
يبقى عندنا تلك  الكلمة لو وقفنا عليها يكون عندي إمالتان لحمزة ، إمالة  في الألف التي بعد الراء ، وإمالة في الألف التي بعد الهمزة  . هذا حمزة .
 يعني يقرأ : (فلمّا تَرَاءَى ) يبقى هو كدا يميل الألف التي بعد الراء ، والألف التي بعد الهمزة.
والكسائي : يميل الألف التي بعد الهمزة فقط ( تَرَاءَى) .
وسيكون لورش فتح وتقليل وسيأتي الكلام.
هذا إذا وقفنا على كلمة ( تَرَاءَى ) . واضح
بعد ذلك يقول يرحمه الله :
وَأَعْمى فِي الاِسْرا حُكْمُ صُحْبَةٍ اَوَّلَا
أي الأعمى في الموضع الأول ، الذي هو ( وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى) .
فيميل (أعمى) في الموضع الأول المرموز له بالحاء: وهو أبو عمرو ، و( صحبة ) حمزة والكسائي وشعبة .
نستنبط من هاهنا : أن أبا عمرٍ يميل الموضع الأول دون الثاني في نفس الآية .
يقرأ : ( وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا )
شعبة : يميل الموضعين فقط هو ( أعمى ) هذه و ( أعمى ) هذه .
أنا أقول فقط ليه ؟
لأن احنا عندنا كلمة ( أعمى ) جاءت في سورة طه : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً) .
طبعا ( أعمى ) هذه يا جماعة على وزن ( أفعل ) ، وليست على وزن ( فعلى ) عشان نكون واخذين بالنا .
على وزن ( أفعل ) ، ولأنها على وزن ( أفعل ) فلا يدخل فيها أبو عمرو بدايةً ، إنما هو دخل هنا فيها خصوصا ، ودخل هنا إمالة  ، وهو له في ( فعلى ) تقليل .
أبو عمرو له في وزن ( فعلى ) تقليل .
هذه الكلمة ليست ( فعلى ) وإنما هي ( أفعل ) ولذلك ذكرت له خصيصًا هذا أمر .
يبقى أنا  عندي خلاصة الكلام :
أن ( أعمى ) التي في طه يميلها حمزة والكسائي .
طيب كيف يميلها حمزة  والكسائي والشيخ لم يذكرها هنا الآن ؟
الشيخ الآن ما ذكر إلا الإسراء .
نقول : لا ، هو سيميلها من القاعدة العامة التي هي من الألفات التي انقلبت عن ياء .
يبقى هو تبعًا للقاعدة العامة يميلان الذي هم حمزة والكسائي  موضع طه ، ولم  يذكره لأنه  لم يختلف فيه أحد آخر ، أو لم يمله أحد آخر كما أمالوا موضع الإسراء .
عندنا الآن : شعبة يميل موضع ( أعمى ) في الإسراء فقط دون طه .
وعندنا : أبو عمرو  يميل الأول دون الثاني في الإسراء ، ودون طه أيضًا .
هذه الأمور ذهب العلماء يتلمسون تعليلًا لذلك .
وأنا يعني سأتكلم في تعليل هذه في الأصول لأن لها فائدة .
فيقولون: من أمال موضع الإسراء دون موضع طه ؛ لأن في طه من عمى العين ، في  طه واضح أنه عمى العين (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً) .
وأما موضع الإسراء: فإنه عمى القلب (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى) ليس عمى العين؟ وإنما عمى القلب .
فقالوا : لعل هذا هو  السبب .
وقالوا : ربما للجمع بين اللغتين ؛ لأن عندنا لغة تُميل ، ولغة لا تُميل ، فربما للجمع بين اللغتين أمال هنا ولم يمل هنا .
والقول الذي قلته لكم الأول زائد هذا  أنه للفرق بين عمى العين وعمى القلب .
نأتي للتعليل الأهم وهو تعليل أبو عمرو .
لماذا أمال الموضع الأول في الإسراء ولم يمل الموضع الثاني ؟
والكلام هنا  أسندوه لأبي عمرو .
أبو عمرو كان أهل لغة ، كان إمام في اللغة من أئمة البصرة الكبار .
فعلل لهذا الأمر وقال : أن (أعمى ) الأولى معناها غير ( أعمى ) الثانية .
 (أعمى ) الأولى : صفة ، صفة لواحد أعمى ، يعني ومن كان في هذه الدنيا موصوفا بالعمى .
فالأعمى الأولى صفة ، طيب والأعمى الثانية ؟
( أعمى ) الثانية : أفعل التفضيل ، على وزن أفعل التفضيل ، بمعنى أنه أشدّ عمى .
يعني : ليست وصف وإنما هي أفعل التفضيل .
فيكون المعنى : فهو في الآخرة أشدّ عمى .
إذن : لأن ( أعمى ) الأولى وصف ، وَ ( أعمى ) الثانية أفعل التفضيل بمعنى أنه أشدّ عمى  .
فلم يملها أبو عمرو ، وهذا التعليل قد ذكره هو بنفسه ، وقال لأن هذه كذا .
تأتي هنا مشكلة، يعني أنا أفتّح أذهانكم إنكم أما تسمعوا معلومة مش بالضرورة تقبليها كده وإنت ساكتة ، ليه ؟
لأن معنى أبو عمرو ذكر بنفسه أنه ما أمال ( أعمى ) الثانية لأنها بمعنى أشدّ عمى وأنها أفعل التفضيل .
هل معنى ذلك أن القراء كان لهم يعني هوىً في أن يقرأ هذه ولا يقرأ هذه ؟
لا ، الأصل أن مشايخه أقرئوه هكذا ، لكنه هو يبحث عن علة أو سبب أن هذه لم ترد قراءة عنده بسبب كذا .
أو ربما "خلينا نوسع الدائرة شوي " عند اختياره لقراءته ، ما هو في اختيار لهؤلاء القراء .
هؤلاء القراء قرؤوا على عدد كبير من التابعين ، ثمّ تخير كل واحد منهم له قراءة ، فعند التخير ربما تخير هذه ولم يتخير هذه ؛ لأن هذه وجدها عند كل من أقرأه مثلا ، أو عند الأغلب ممن أقرؤوه ، وهذه لم يجدها إلا عند قلة ، فتخير ما وجده عند الكثرة .
طيب تقولين : ايه يعني إن ( أعمى ) الأولى وصف ، وَ ( أعمى ) الثانية أفعل التفضيل ، ولماذا لم يمل الثانية بالذات؟
طيب كان ممكن مثلًا أمال الثانية ولم يمل الأولى ؟
نقول : خلِ بالك معي
عندما أقول بأن كلمة ( أعمى ) الأولى صفة فمعناها أن الألف وقعت طرفًا في آخر الكلمة ، آخر حرف في الوصل هو الألف ، والإمالات تكون في الأطراف .
أُمّال ايه المشكلة في ( أعمى ) الثانية التي هي أفعل التفضيل التي بمعنى أشدّ عمى أو أكثر عمى ؟
أفعل التفضيل " يابنتي "  تحتاج دائما إلى صلةٍ بعدها ، دائما يأتي بعدها صلة لتوضيحها .
يعني عندما أقول مثلا : محمدٌ أكرمُ ( لازم أقول أكرم من مين ؟) أكرم من علي ، من أحمد ، من كذا .
يبقى هنا أفعل التفضيل لا بد أن يكون لها صلة بعدها ، تلك الصلة تبين المُفَضَّل عليه .
يبقى هنا ( أعمى ) كونها أفعل تفضيل على نية وجود الصلة حتى لو لم تكن موجودة .
لأن "خل بالكم" منهج القرآن وأقول الآن في الغالب على الأعمّ يعني ؛ لأن الأمر يحتاج إلى حصر .
أنه إذا ذكر أفعل التفضيل لا يذكر الصلة يتركها يحذفها ، حتى يذهب كل عقلٍ في تفكيره .
-         يعني عندما يقول الله تعالى مثلا : (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) أهي ( أقوم ) ده أفعل التفضيل .
هي (أقوم) من ايه ؟
أقوم من كل طرقٍ يزعمون أنها للهداية .
أقوم من كل ما يظهر في أي مكان وزمان زاعمين أنها للهداية .
هذا معنى الحذف .
-         (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) : أكبر من كل ما تتخيله العقول ، ومن كل ما لا تتخيله العقول كمان .
هذا معنى حذف صلة أفعل التفضيل .
ينتقل بنا الشيخ لقاعدة جديدة :
وَمَا بَعْدَ رَاءٍ شَاعَ حُكْمًا وَحَفْصُهُمْ             يُوَالِي بِمَجْرَاهَا وَفي هُودَ أُنْزِلَا
كل ألفٍ وقعت بعد راء برضو ذكر حمزة والكسائي كمان تاني يعني من باب التأكيد .
بس هو يعني يذكر ليبين  منهج أبي عمرو فقط ، لكنه ذكر وأعاد ذكر حمزة والكسائي .
خذي قاعدة عامة نعرفها : أن كل ألف بعد تلك الراء فإنما يميلها حمزة والكسائي وأبو عمرو .
وَمَا بَعْدَ رَاءٍ شَاعَ حُكْمًا وَحَفْصُهُمْ             يُوَالِي بِمَجْرَاهَا وَفي هُودَ أُنْزِلَا
كلمة (مَجْرَاهَا ) : ويدلنا على السورة التي وردت فيها كمان .
حفص هو :حفص ابن سليمان ( إذا أُطلِق يكون هو ) اللي هو حفص عن عاصم ، وليس  له من إمالة في القرآن كله سوى هذه .
بعد ذلك يقول :
نأَى شَرْعُ يُمْنٍ بِاخْتِلاَفٍ وَشُعْبَةٌ               في الاِسْرَا وَهُمْ وَالنُّونُ ضَوْءُ سَنًا تَلَا
(نأَى) الألف اللي بعد الهمزة ، اللي هي (وَنَأَى بِجَانِبِهِ ) هذه قصد بها موضع فصلت .
المشار لهم بالشين والياء : الياء للسوسي بخلفٍ عنه ، الخلف بين الفتح والإمالة .
 وأتى بالشين : حمزة والكسائي من باب برضوا التأكيد .
وَشُعْبَةٌ          في الاِسْرَا وَهُمْ
يعني موضع الإسراء شعبة شاركهم .
( وهم ) : يعني شرع يمن  .
إذن : (وَنَأَى بِجَانِبِهِ ) التي في الإسراء .
أيضًا موضع الإسراء زاد عليهم شعبة . خلاص خل بالكم
بعد ذلك :         
وَالنُّونُ ضَوْءُ سَنًا تَلَا
أي : ويميل النون المرموز لهم بالضاد والسين والتاء .
السين والتاء : طبعا رواة الكسائي ، بس أتى بهم كل راوٍ  منفردًا عشان يتم البيت .
يعني : هو دا السين والتاء تعطينا الكسائي .
يعني بدل ما أقول أبو الحارث والدوري عن الكسائي ، نقول الكسائي وخلاص .
والضاد : لخلف عن حمزة .
يبقى عندنا خلف والكسائي يميلون النون والهمزة (نَأَى )
ويبقى خلاد يميل الهمزة فقط ، أي الألف التي بعدها طبعا .
وأما السوسي : فله الوجهان ، وإن كان الراجح أنه الفتح فقط ؛ لأن وجه الإمالة لم يثبت له من طريق التيسير للداني ، وهذه أمور سأبينها لكم إن شاء الله في مرة أخرى كده نكون ايه الأمور رايقة معانا شوي  نقدر أفهمكم يعني ايه : وجه ليس في أصله ولا في مصدره الأصلي ، وموقف العلماء من ذلك .
إِنَاهُ لَهُ شَافٍ وَقُلْ أَوْ كِلاَهُمَا           شَفَا وَلِكَسْرٍ أَوْ لِيَاءٍ تَمَيَّلَا
إناه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ )
يعني ايه (إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ) يا جماعة في المعنى ؟
غير منتظرين نضجه .
كأن الإنسان إذا دعي إلى طعام لا ينبغي أن يذهب مبكرًا قبل أن يتم الطهي ويتم الطبخ .
يعني معزوم مثلا على العشاء ، العشاء يكون الساعة عشرة كويس إن الواحد يروح مثلا تسعة ونص .
إنما من قبل أذان المغرب يكون جالس لهم بالبيت .
هذا طبعا الآن عشان البيوت التي تشتري من المطابخ جاهز، لكن البيوت التي تطبخ تكون مشكلة كبيرة.
المهم أن كلمة ( إناه ) ها هنا يميلها المرموز له باللام مع الشين .
الشين : حمزة والكسائي . تلاحظوا إن حمزة والكسائي يتكرر بالرغم من أنه معروف لكن هذا هو منهج الشاطبي .
يعني هو هنا أراد فقط أن يشير إلى هشام .
وَقُلْ أَوْ كِلاَهُمَا         شَفَا
أو كلاهما في آية : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا)
و شفا : هما حمزة والكسائي .
خل بالكم هذه الكلمة لا تخضع لقواعد سابقة ، ولذلك هو ذكرها هنا لحمزة والكسائي فقط ؛ لأنها لا نستطيع أن نخضعها لقاعدة الألف المنقلبة عن ياء ، ولا ألف التأنيث ، ولا ..... مافي .
ولذلك أتى بعلة هنا فقال :                           
وَلِكَسْرٍ أَوْ لِيَاءٍ تَمَيَّلَا
الكسر اللي قبل اللام ( كلاهما )
أو لياء : أن تلك الألف وهذه الكلمة عند تثنيتها أو عند نصبها أو جرها تكون بالياء .
مررت بكليهِما – أكرمت كليهُما .
وهذا طبعا في قول الله تعالى : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا)
وأنا قلت قبل ذلك أن العلة " يابنتي " لا تأتي بقراءة لا ، وإنما القراءة تثبت ولا يمنع أن نبحث عن علة ، بس القراءة تكون ثابتة أولا ، يعني قبل أن نبحث عن العلة .
عندما تثبت القراءة لا مانع إن نحنا نبحث عن علة ونتلمس بعض التعليل .
هذه : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا) .
ربنا بيتكلم عن الإحسان بالوالدين ، لما فصّل هكذا وقال (  أحدهما أو كلاهما ) ؟
طيب ما  كانت ( كلاهما ) تكفي ! ها يا جماعة ؟
الله يفصل لأنه يعلم أن هذا الإنسان يتمرد .
فلو قال الله : ( كلاهما ) ربما يفهم البعض أن شرط الإحسان بالوالدين وجود الاثنين على قيد الحياة ، لو كان واحد ؟ لا .
ولو قال : ( أحدهما ) لفهم أنه لا بد من انفراده ، أو فهم أن له أومن حقه  يتخير .
أنا أحسن إلى أمي وأنت تحسن إلى أبوك ، إخوة يعني .
وهذا سبحان الله يعني ما يترك الله للإنسان من باب أبدا ، لماذا ؟
لأن النفس شحيحة في تنفيذ أمر الله ، النفس بطبيعتها .
طيب فائدة (عندك ) ايه : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ)؟
لأن الأسلوب بدون عندك يمشي ويكون تمام : إِمَّا يَبْلُغَنَّ  الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا .
العندية : معناها عندك ظرف ، يعني إن هم تحت عينيك .
ويعني : لا تبتعد عنهما إلا بإذنهما ، ولا تفارقهما إلا بإذنهما .
فسبحان الله رب العالمين .
وسنتوقف هنا ، وإن شاء الله سنكمل في اللقاء القادم  بإذن الله تبارك وتعالى .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .
والحمد لله رب العالمين .
هل عندكم شيء ؟
معذرة لأني أصبحت أرهق بسرعة ، فسامحوني بارك الله فيكم ، ولا تنسوني من الدعاء .
بارك الله فيكم جميعا ، والحمد لله رب العالمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته











الأربعاء، 20 يوليو 2016

المحاضرة العشرون لشرح الشاطبية لفضيلة الشيخ الدكتور محمود شمس حفظه الله.. باب الفتح والإمالة وبين اللفظين الجزء الثاني



المحاضرة العشرون لشرح الشاطبية لفضيلة الشيخ الدكتور محمود شمس حفظه الله.. باب الفتح والإمالة وبين اللفظين الجزء الثاني





بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وأنفعنا بما علمتنا يا رب العالمين .

وبعد ..

فإني أحييكم بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وإني لأسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدورنا ، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته .

وها نحن نلتقي في لقائنا هذا عن : الفتح والإمالة بين اللفظين

تكلمت في اللقاء السابق عن : القواعد التي سيميلها كلٌ من حمزة و الكسائي من ذوات الياء إلى ألف ( فعلى ) إلى ما ذكرناه من زيادة الثلاثي أو ....... إلخ .

واليوم نكمل ما انفرد به الكسائي ، أو ما اتفق فيه حمزة والكسائي ، أو ما انفرد به دوري الكسائي .

يقول الشيخ يرحمه الله :

وَلَكِنَّ أَحْيَا عَنْهُمَا بَعْدَ وَاوِهِ                             وَفِيمَا سَوَاهُ لِلكِسَائِيِّ مُيِّلاً

كلمة ( أحيا ) وردت في القرآن الكريم :

-         تسبقها الواو مثل قوله تعالى : ( وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا )

-         أو الفاء : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ) هذه اقترنت بالفاء .

-         أو ثم : (ثُمَّ أَحْيَاهُمْ )

-         أو لا تقترن بحرف عطف : (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )

إذن كلمة ( أحيا ) ترد على كم صورة ؟

مسبوقة بــ ( واو العطف ) ، بــ ( الفاء ) ، بــ ( ثم ) ، ( غير مسبوقة بأي حرف عطف ) .

إذا سبقت بـــ ( الواو ) : يميلها كلٌ من حمزة والكسائي .

إذا سبقت بـــ ( الواو ) فقط : يميلها كلٌ من حمزة والكسائي  ، وغير ذلك من تلك الصورة يميلها الكسائي وحده .

إذن ( أحيا ) المقترنة بــ ( الواو ) لحمزة والكسائي  ، غير المقترنة بـــ ( الواو ) : يميلها الكسائي وحده .

ثم بدأ بعد ذلك يذكر ما اختص به الكسائي من إمالات في بعض الكلمات :

يعني حمزة لا يشاركة في الكلمات الآتية :

وهي تقريبا ست عشرة كلمة .

وَرُءْيَايَ وَالرءُيَا وَمَرْضَاتِ كَيْفَمَا                              أَتَى وَخَطَايَا مِثْلُهُ مُتَقَبَّلاً

وَمَحْيَاهُمُو أَيْضًا وَحَقَّ تُقَاتِهِ                            وَفِي قَدْ هَدَانِي لَيْسَ أمْرُكَ مُشْكِلَا

وَفِي الْكَهْفِ أَنْسَانِيْ وَمِنْ قَبْلُ جَاءَ مَنْ                         عَصَانِيْ وَأَوْصَانِيْ بِمَرْيَمَ يُجْتَلَا

وَفِيهَا وَفِي طَاسِيْنَ آتَانِيَ الَّذِي                         أَذَعْتُ بِهِ حَتَّى تَضَوَّعَ مَنْدَلَا

1-    أولها : (وَرُءْيَايَ ) : رؤيا المضافة إلى ياء المتكلم  وأظنها وقعت في سورة يوسف : (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ ) .

2-    و ( الرءُيَا  )المعرفة بالألف واللام : حيث وقعت في القرآن كله ، هذه لا يميلها إلا الكسائي  .

3-    و ( مَرْضَاتِ ) كيفما وقعت أيضا ، يميلها الكسائي  وحده .

4-    وَ(  خَطَايَا ) حيثما وقعت كذلك ، لكن المراد هو  الألف الذي بعد الياء ، ( خطايا ) إمالة الألف التي بعد الياء وليست التي بعد الطاء .

 كلٌ للكسائي وحده من أول ( أحيا ) الغير مقترنة بــ ( الواو ) .

المقترنة بـ ( الواو ) للاثنين ، غير المقترنة كله للكسائي وما يأتي .    

5-    وَ( مَحْيَاهُمُ ) أيضا : (سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ) في الجاثية .

6-     وَ( حَقَّ تُقَاتِهِ ) .

خلي بالكم قيّد كلمة تقاته هاهنا بكلمة ( حق ) لأن هناك : ( إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) متفق على إمالتها لأنها ستكون من ذوات الياء .

إنما ( حق تقاته ) هذه من خصوصيات الكسائي .

7-    وَ فِي ( قَدْ هَدَانِي ) أيضا ، ( هداني ) المقترنة بــ ( قد ) التي هيا : (وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ ) في الأنعام .

هذه من خصوصيات الكسائي .

أما ( هداني ) المجردة من ( قد ) يعني :   (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) وهكذا هذه تابعة للقاعدة العامة .

نعم كل الكلمات هذه معطوفة على ( للكسائي ميلا )

وميل ( رؤياي ) وميل ( رؤيا ) إلى آخر ما سنذكر .

8-    وَفِي الْكَهْفِ ( أَنْسَانِيْ ) : (وَمَا أَنسَانِيهُ ) يميلها أيضا الكسائي وحده .

9-    وَمِنْ قَبْلُ جَاءَ ( مَنْ عَصَانِيْ ) : (وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التي في إبراهيم ، هذه أيضا يميل ألفها الكسائي .

هذا بخلاف : (قَالَ هِيَ عَصَايَ ) وهذا يعني يستشكل عند بعض الناس يقولون هذه ( عصاني ) أميلت وهناك

( عصاي ) .

نقول : هناك فرق ؟

( عصاي ) اسم ، و ( عصاني ) هنا فعل . ماشي

والإمالة هنا متعلقة بالألف التي في كلمة ( عصاني ) التي هي فعل .

يعني هناك فرق بين الكلمتين .

يعني هي ( عصاي ) : لا إمالة فيها لأحد .

10- وَ( أَوْصَانِيْ )  بِمَرْيَمَ يُجْتَلَا ، (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ........ ) .

11- وَفِيهَا وَفِي طَاسِيْنَ ( آتَانِيَ ) الَّذِي .

وفيها وفي طاسين ، فيها الضمير يعود على ماذا ؟ على مريم  في (آتَانِيَ الْكِتَابَ ) ، وفي طاسين (فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم ) طاسين التي هي النمل . ماشي

( آتَانِيَ ) الألف الذي بعد التاء يميله الكسائي وحده .

بعد ذلك :

وَحَرَفُ تَلاَهَا مَعْ طَحَاهَا :

حرف تلاها مع طحاها ، هذه تذكروا أنها من خصوصيات الكسائي ؛ لأن الكلمات هذه خلي بالكم كل الكلمات التي مضت ألفها ذات ياء ما عدا ( مرضات ) . ماشي

ومن أول تلاها وَ ( طحاها ) وَ( سجى ) وَ( دحاها ) بالواو ألفها أصلا واوية ، ولذلك :

وَحَرَفُ تَلاَهَا مَعْ طَحَاهَا وَفِي سَجَى                           وَحَرْفُ دَحَاهَا وَهْيَ بِالْوَاوِ تُبْتَلَا

إذن إلى هاهنا تلك الكلمات التي اختص بها الكسائي .

الكلمات هذه ليس لها إلا حفظ المتن ، يعني الكلمات التي اختص بها الكسائي بالذات ، يعني القواعد يمكن يمشي الحال ، أما الكلمات التي اختص بها الكسائي فإن الإنسان لا يتذكر إلا إذا تذكر البيت ، يعني لا بد من حفظ البيت الذي فيه الكلمات التي اختص بها الكسائي وحده .

ولما كان هناك كلمات ختم بها الشيخ ما اختص بها الكسائي واوية ، وهناك كلمات أصل ألفها واو لكن حمزة والكسائي يميلانها الاثنان .

فقال الشيخ :

وَأَمَّا ضُحَاهَا وَالضُّحَى وَالرِّبا مَعَ الْـ                            قُوَى فَأَمَالاَهَا وَبِالْوَاوِ تُخْتَلَا

فَأَمَالاَهَا  : ألف الاثنين  ، تعود على حمزة والكسائي .

يبقى عندي (ضُحَاهَا وَالضُّحَى وَالرِّبا مَعَ الْـقُوَى ) أمالاها .

مع أنها واوية إلا أنه ورد إمالتها عن حمزة والكسائي .

وهنا ننبه على أنها من ذوات الواو ، ولكنها كلمات ممالة .

البيت الذي  يأتي خاص بدوري الكسائي :

وَرُؤيَاكَ مَعْ مَثْوَايَ عَنْهُ لِحَفْصِهِمْ                      وَمَحْيَايَ مِشْكَاةٍ هُدَايَ قَدِ انجَلَا

حفص ، ليس حفص ابن سليمان حقنا اللي هو الراوي عن عاصم ؟ لا .

حفص هنا أبو عمر الدوري اسمه حفص .

وهذا الدوري هو الذي روى عن أبي عمرو، وهو الذي روى عن الكسائي  بنفس الوقت .

لكنه هنا هو الدوري عن الكسائي ، أو دوري الكسائي .

إذن المقصود هنا دوري الكسائي وليس دوري أبو عمرو .

كلمة (رُؤيَاكَ ) و (مَثْوَايَ ) و (مَحْيَايَ ) و (مِشْكَاةٍ ) و ( هُدَايَ ) .

هذه الكلمات الخمسة اختص فيها الدوري عن الكسائي ، فهو يميل هذه الكلمات لا يشاركه أبو الحارث ولا يشاركه حمزة .

نعم حفصكم له كلمة ( مجراها ) فقط.

ثم بدأ يتكلم عما اشترك حمزة والكسائي في إمالته فقال :



وَممَّا أَمَالاَهُ أَوَاخِرُ آيِ مَا                     بطِه وَآيِ الْنَّجْمِ كَيْ تَتَعَدَّلاَ

وَفِي الشَّمْسِ وَالأَعْلَى وَفِي اللَّيْلِ وَالضُّحَى                    وَفِي اقْرَأَ وَفِي وَالنَّازِعَاتِ تَمَيَّلَا

وَمِنْ تَحْتِهَا ثُمَّ الْقِيَامَةِ فِي الْـ                            مَعَارِجِ يا مِنْهَالُ أَفْلَحْتَ مُنْهِلَا

وَممَّا أَمَالاَهُ  : الاثنين حمزة والكسائي .

هذا اسمه إمالة رؤوس الآيات ، ما كان رأس آية في تلك السورة بشرط أن يكون ألفا مقصورة طبعا .

طه  وَ النجم  وَ الشمس وَ الأعلى وَ الليل وَ الضحى وَ اقرأ وَ النازعات ، ثم عبس وهي المقصود منها ( ومن تحتها ) ثم القيامة ، ثم المعارج .

طبعا الإطلاق يعتبر إطلاق مقيد ، إطلاق مقيدٌ من المفهوم .

تعرفون الإطلاق المقيد من المفهوم ؟ يا جماعة

في إطلاق يقيده المفهوم .

وهذا ما وقع فيه القائلون بقضية خلق القرآن عندما كانوا يجادلون الإمام أحمد يرحمه الله في تلك القضية ويقولون له : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) والقرآن شيء .

إذن هو مخلوق طالما أن الله قال : (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) .

إذن هو مخلوق .

فنقول : لا . ماشي

( خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) مخلوقٌ أو يُخلَقُ له تبارك وتعالى .

إنما القرآن : سماه الله كلام الله ، والله نسب الكلام لذاته العلية .

إذن كما يعني أقول : أحيانا مثلا تكونين معزومة عند إحدى الزميلات فتقول لك مثلا في نهاية الطعام : كلي .

فأنت تقولين : أنا أكلت كل شيء  ، ما تقولين هذا : أكلت كل شيء .

أهو هذا إطلاق يقيده المفهوم : أكلت كل شيء يؤكل .

المفرش شيء .

المفرش اللي كان عليه أو السفرة اللي كان عليها الأكل شيء ، والملاعق شيء ، والأطباق شيء .

فهل أكلت الأطباق وأكلت الملاعق ؟! ماشي

ولذلك الإطلاق الذي يقيده المفهوم ، يعني يعرفه الإنسان من خلال فهمه .

كما قال الله : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ) طيب المساكن ما هي شيء ، و القرآن بعد ذلك قال : ( فَأَصْبَحُوا لَا يُرَىٰ إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ) يبقى هنا إطلاقٌ قيده المفهوم .

تدمر كل شيء قد دُمِر .

إذن الإمالة في خواتم الآيات في تلك السور مقيدة بأن تكون مما يقبل الإمالة .

يعني عندنا مثلا في سورة طه وهي من السور المذكورة .

( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً ) هذه رأس آية ، هل هذه تمال ؟

ليست تمال ؛ لأن أنا هنا الكلمة منونة تنوين نصب ، والألف هاهنا عوض عن التنوين المحذوف .

مثلا : (لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا ) أو (فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ) فغشيهم مافيها إمالة ؟ آخرها ميم ساكنة .

إذن يميل حمزة والكسائي رؤوس الآيات في تلك السور من الكلمات التي تقبل الإمالة أصلا .

وانتبهوا أيضا كمان : ما عدا ما اختص به الكسائي .

يعني : تلاها و طحاها والضحى والكلمات التي اختص بها الكسائي تستثنى من هذه القاعدة .

إذن الخلاصة :

أن الألف التي في رؤوس الآيات التي يميلها كل من حمزة والكسائي ما كان قابلا للإمالة ولم يختص به الكسائي .

أما الكلمات التي اختص بها الكسائي فلا تدخل في تلك القاعدة ، هي مستثناه من تلك القاعدة .

وبالنظر إلى تلك السور نجد أنها تنقسم إلى قسمين :

1-    سور دخلت الإمالة جميع فواصلها ، يعني كل فواصلها صالحة للإمالة .

وهي : ( الأعلى وَ الشمس وَ الليل )

الشمس فيها كلمات اختص بها الكسائي ، اللي هي ( تلاها ) و ( طحاها ) لأنه أمالها هو .

لكن نقول أن فواصل السور الثلاثة  كلها صالحة للإمالة .

2-    والباقي ، بعض الفواصل لم يستوفي الشروط .

يعني الضحى مثلا فيها : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ، وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )

هذه فواصل لا يمكن إمالتها لأنها غير صالحة للإمالة .

هكذا انتهينا مما اختص به الكسائي ، أو الدوري عن الكسائي ، أو رؤوس آيات السور  .

سيدخل الشيخ بعد ذلك في قواعد خاصة في بعض الكلمات شارك حمزة والكسائي فيها بعض القراء .

يعني حمزة والكسائي قاعدتهم الأصلية ثابتة معروفة ، ولكن قد يشترك معهم في كلمة معينة بعض القراء .

منهج الشيخ يرحمه الله في ذلك عشان تعرفوا : أنه يذكر القارئ الذي شاركه ويعيد ذكر أصحاب القاعدة الرئيسية ثاني .

يعني شوفوا مثلا :

رَمَى صُحْبَةٌ أَعْمَى فِي الاِسْراءِ ثَانِيًا                           سُوًى وَسُدًى فِي الْوَقْفِ عَنْهُمْ تَسَبَّلاِ

كلمة ( رمى ) : (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ )

أصحاب القاعدة الأصلية  ، الآن الألف ذات ياء ( رميت ) حمزة والكسائي يميلونها في الأصل ، زاد عليهم هنا حمزة والكسائي  زاد عليهم مين ؟ شعبة .

هو لا يذكر شعبة وحده ، يذكر شعبة ويعيد ذكر أصحاب القاعدة الرئيسية .

لماذا يعيد ذكرهم ؟ ياجماعة

حتى لا يظن البعض أن هذه الكلمة خاصة بالقارئ الجديد فقط ، ويستثنيها من أصحاب القاعدة الرئيسية . مفهوم

وأنا دائما أقول التكرار تأكيدا أولى من الترك مع اللبس .

عارفين القاعدة هذه ؟

التكرار للتوكيد أولى من عدم التكرار مع اللبس .

أضرب لكم مثالًا :

مثلا لو إحدى الأخوات عندها مناسبة وقد وجهت لك الدعوة ، بعد ساعة وجدتك واقفة مع صديقة لك .

فهي تريد أن توجه الدعوة لتلك الصديقة .

ماذا يحدث لو قالت لصديقتك : أنا عندي مناسبة يوم كذا وتشرفينني ، وتتركك وتمشي ؟

أقل حاجة ستضطرين لأن تفعلي شيئا ، أقل حاجه راح تقعدي تبرري .

تقولي لصديقتك : أصل هي قالت لي قبل كذا ، هي  عزمتني .

لأن صديقتك ربما تظن أنها لماذا لم توجه لك الدعوة وأنت واقفة معها .

إنما لو قالت : وأنت يا فلانة لا تنسي . خلاص .

هاه وضحت الصورة ؟ نعم

يبقى الشاطبي منهجه : أنه يعيد أصحاب القاعدة الرئيسية حتى لا يُظَن أنها مستثناه عندهم واختص بها القارئ الجديد .

رَمَى صُحْبَةٌ أَعْمَى فِي الاِسْراءِ ثَانِيًا                            سُوًى وَسُدًى فِي الْوَقْفِ عَنْهُمْ تَسَبَّلاِ

الإسراء  في آية واحدة ورد فيها كلمة ( أعمى ) مرتين ، (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى )

هنا المقصود : ( أعمى ) الثانية  ، يميلها شعبة مع حمزة والكسائي ( صحبة ) .

يبقى دي الوقت شعبة لا يميل الأولى ، وإنما يميل الثانية فقط إلى الآن .

                                       سُوًى وَسُدًى فِي الْوَقْفِ عَنْهُمْ تَسَبَّلاِ

سوى و سدى : لو وقفنا عليها ؛ لأن هذا المنون المقصور .

سوى وسدى وهدى .....الخ في الوقف عنهم تسبلا .

ومعنى تسبلا : يعني أبيح لهم الإمالة فيها فسيشاركهم أيضا شعبة في كلمات هذا البيت .

رمى وأعمى الثانية في الاسراء وسوى وسدى .

والحمد لله رب العالمين .

بارك الله فيكم ولكم ، ولا تنسونا من صالح دعائكم .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

والحمد لله رب العالمين .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .



تاريخ المحاضرة 17 /6/1437 هـ