الخميس، 22 أكتوبر 2015

المُـــحاضرة الخـــــــامسة (بابُ الإدغام الكبير ) من متن الشاطبية




 المُـــحاضرة الخـــــــامسة (بابُ الإدغام الكبير ) من متن الشاطبية
 
للاستماع للمحاضرة ... من هنـــــــــــــــــا

بسم الله الرحمن الرحيم والحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمُرسلين .أشهدُ ان لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك لهُ .سُبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين                          وبعد...........

بدأ الشيخ حفظه الله بالإدغام الكبير 

مفهوم الإدغام الكبــير :

معناهُ لغة :إدخال الشيء في الشيء .

اصطلاحاً :ادخال الحرف الساكن في الحرف المتحرك بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا .يرتفع اللسان عنه ارتفاعه واحدهـ .

قوله حفظه الله :

ما أود أن أُشير اليه أن الأمر هاهنا يتعلق بالتقاء الحرفين .

والتقاء الحرفين على أحوال .

!-قد يلتقي الحرفان خطاَ ولفظا بمعنى (خطا :كتابة ولفظا:نُطقا )

مثال (الرحيم مالك )  تُنطق ميم بعد ميم مُباشرة فهذا اسمه الالتقاء اللفظي والخطي .

2- قد يلتقي الحرفان خطا لا لفظا مثل كلمة  ( إنه هُو ) فالهاء مكتوبة بجوار الهاء ولا عبرة بالواو الصغيرة المكتوبة تحت .الهاء . لأنها من وضع أهل الضبط وليس من وضع أهل الرسم ولذلك كأن لم تكن بالنسبة لنا في الرسم فالهاء مكتوبة بجوار الهاء ولكننا في النطق :ننطق بين الهــاء  والهــاء  واوا  ( تسمى واو الصلة )  .

3- أن يلتقيا في اللفظ دون الخط (يعني في اللفظ (الحرف  جنب  الحرف )  (مثل ) (إن يُـــوحى إلي  إلا أنما أنا نذير ) " ف أنا نذير (ننطق النون  بجوار النون ) :

ولكن  يفصل بينهما حرف وهو حرف الألف (والألف التي قدام  واو الجماعة لا عبرة بها ).

والالتقاء على  أحوال ثلاثة . والقسمة العقلية تقتضي نوعا  رابعا  ما هو ؟  
 يعني لوقلت  الالتقاء  إما أن  يلتقيا لفظا و خطا وإما أن  يلتقيا  خطا لا لفظا  وإما أن يلتقيا لفظا لا خطا

والنوع الرابع :هو أن لا يلتقيا لا في اللفظ ولا في الخط وهذا ليس معنى قولا واحدا .

سؤال ؟ هل الإدغام الكبير جائز في الأحوال الثلاث الأولى التي قلناها ؟ نقول : لا  

لا يكون الادغام الكبير لا يكون الا في حالتين من التي سبقت

1 – التقاء الخط واللفظ  .

2- التقاء الخط دون اللفظ .

لوأردت أن اجمعها بكلمة واحدة ( أقول العبرة بالتقاء  الخطِ سواء التقيا لفظا أو لم يلتقيا .

_  العبرة بالتقاء  الخط دون اللفظ   و( لها صورتان )

1-    أن يلتقيان خطا لا لفظا

2-    لفظا لا خطا

هذا الذي يدخل معنا في الإدغام

الالتقاء  اللفظي دون الخط لا يدخل معنا و لذلك .لا ينبغي أن تحكم على ( أنا نذير ) مثلين .

لأن العبرة من دراسة المثلين إنما هو ما يجب اظهاره وما يجب ادغامه

 العبرة ايضا بالإلتقاء الخطي " هذه النقطة الأولى .

ثانيا : 

الشيخ الشاطبي  رحمه الله أطلق الإدغام لأبي عمرو والمراد هو السوسي ’ كيف جاءت الحكاية هذه ؟

لانه هنا متفق معنا على مبدا وهو .....................

إذا اتفق الراويان يذكــر الإمام . وإذا لم يتفق الراويان يذكر كل راوي باسمه

يعني عندما يتفق  الدوري والسوسي نقول ابو عمرو . وعندما لا يتفقان نقول الدوري لوحده والسوسي لوحده " وهذه المرهـ لم  أطلق الإدغام لأبي عمرو ثُـم قلنا انه ( السوسي ) ؟

لأنه  ابي عمرو من روايتيه ( الدوري والسوسي ) له وجهان من الروايتين في الإدغام.

 يعني الدوري له وجهان في الاصل : إظهار وإدغام, والسوسي له وجهان أيضا من روايتيه اظهاروادغام . ولكن له وجهان اخران في روايتيه   في امرين اخرين وهما :

_ ابدال الهمز الساكن وتحقيقه نحو ( المؤمنون ف  يبدله واوا  المومنون فله وجه تحقيقه أي ننطق ب همزة ساكن المؤمنون

_ وله روايتبن في المد المنفصل ( القصر والتوسط )

فالسوسي له وجهان والدوري له وجهان : لكن هناك علم يسمى بعلم تحريرات القراءات

تعريف تحريرات القراءات : الراوي الواحد له أكثر من طريق والطرق مرتبة بطريقة معينه .

مثلا :لدي ثلاث اشياء لهم فيهما وجهان :

الاظهار والإدغام   _ ولهما  ابدال الهمزالساكن وتحقيقه _ ولهما  مد المنفصل وقصره .

وعندما نعمل  التحريرات سننظر مثلا للذي نقل الادغام للسوسي  فيا ترى ما هو مذهبه في الوجهان التي له في  الهمز الساكن فيا ترى هل نقل  الوجهان هناك ام نقل وجه واحد  ؟ وماذا لديه  في المد هناك  وجه أم وجهان ؟

وابن الجزري رحمه الله كان دقيقا في ذكر باب الادغام  حيث قال:

إذا التقى خطا محــــــــــــــــــركان       مثــــــــلان جنسان مقاربان

ادغم بخلف الدوري والسوسي معنا       لكن بوجه الهمز والمد امنعا

فالشيخ ابن الجزري حرر لنا المسالة : ومعنى كلامه: أن الإدغام مروي عن الراويان :الدوري والسوسي . ولكن في الكلام تحريرات, انك إذا قرأت بوجه تحقيق الهمز وبوجه مد المنفصل يمتنع الإدغام . و اذا قرأت بوجه ابدال الهمز وقصر المنفصل ادغم وامنع الإظهار, فلما وجدنا في الشاطبية أن ابدال الهمز الساكن خاص للسوسي وقصر المنفصل خاص للسوسي .فهمنا ـ أن الإدغام للسوسي فقط. فالادغام المروي عن ابي عمرو فهمنا انه  له وجهان له ادغام عند الدوري وعند السوسي.

لأن الادغام مرتبط بأمران

 الامر الاول :ابدال الهمزالساكن   والامر الثاني :  وقصر المد المنفصل قولا واحدا  .فنجد أن السوسي هو الذي ابدل الهمز الساكن وقصر المد المنفصل فإذن هو الذي له الإدغام فقط ؟  لأنه هو الذي يبدل الهمز الساكن فقط  وهو اللذي يقصر المنفصل قولا واحدا  .

الذي تتحقق فيه الضوابط هو الذي نقول له بالهمز .> اذن

اذن  < المسألة ليست بالبركة وليست اعتباطا وليست أن الشاطبي اطلق ابو عمرو وأراد السوسي كذا بالمصادفة > لا. وإنما المسألة  بقواعد وضوابط .

  توضيح :
 
الهمز السكان : تحقيق -ابدال
    

المد المنفصل : قصر - توسط                 الهمز الساكن                             المد المنفصل


الادغام مرتبط بالإبدال و بقصر المنفصل , بمعنى اذا ابدلت وقصرت  المنفصل فإذن سيكون أني  ادغمت  .                                     

فالطريق الذي نقل منه الشاطبي بناء على نقل ابي عمرو الداري , وبناء على نقل ابن مجاهد , فالطريق هذا نقل للسوسي  الابدال في الهمز’ ونقل القصر في المنفصل.  فهنا سنقول هو المختص بالإدغام  .

ولما كان للدوري تحقيقا في الهمز وله وجه في توسط المنفصل قلنا  اذن لا ينفع ابدا أن ندغم للدوري من هذا الطريق

و  لكنه مشترط ارتباط الامور هذه الأمور الثلاثة :

إدغام =ابدال الهمز =قصر المنفصل. هذه الأمور الثلاثة مرتبطة ببعض

اظهار مرتبط بتحقيق الهمز و مرتبط  ب  مد المنفصل  .

والراويان لهما الوجهان في كل امر من الامور الثلاثة.

 فإذن لما قال لنا أدغم الدوري فابن الجزري يقصدها  ولما يقول لنا العلماء ان المراد السوسي . اقول نعم مقصودة ومفهومة .فالآن فهمنا ان للسوسي قولا واحدا هنا ,فبذلك هذه النقطة اصبحت واضحة .

 فلا يمكن أن يطلق الشاطبي  الإمام ويريد الراوي لانه لو عمل هكذا   سيكون العلم مبني على التخمين .

 
انتقل الشيخ حفظه الله إلى إجابة الأسئلة الواردة .

اجابات الأسئلة .

السؤال الأول يدور حول كلمة (اللائي يئسن )

عند حفص ومن وافقه من القراء

الكلمة عند ابي عمرو يقرؤها كالتالي :

 الخطوة الأولى : حذف الياء التي بعد الهمزة فاصبحت الكلمة  ( اللّاءِ)  ثم  الهمزة الموجودة  ابدلها ياء فأصبحت (اللايِ)

ثم سكَن الياء بمعنى انه ابدل الكسره سكونا فاصبحت  ( اللاي) فلما اصبحت الياء ساكنة اصبح عندي حرف مد وهو الالف وبعده ياء ساكنة فاذا وقع بعد حرف المد سكون اصلي في كلمة واحدة واعني بأصلي أنه لايتحرك  وصلا ويسكن وقفا وانما هو ثابت وصلا ووقفا  فإنها تمد الالف المدية مدا لازما بمقدار 6 حركات قولا فأصبحت الكلمة اللآي تمد 6 حركات .

مواضع الكلمة وقعت في 4 مواضع :

1/الاحزاب  في قوله تعالى :وما جعل ازواجكم اللآي  تظاهرون......

2/المجادله قوله تعالى : إن أمهاتهم الا اللاي ولدنهم .........

 3/ و في الطلاق قوله :واللاي لم يحضن .......

4/ و في قوله :واللاي يئسن .................

تبقى المشكلة في (واللائي يئسن ). لماذا هذا الاشكال ؟

وجــــه الإشكال :اصبح عندي ياء{ يْ} ساكنة و بعدها ياء متحركة وهذا تماثل ف  يجب الإدغام .من باب الادغام الصغير .ولذلك البعض يأخذ على الشاطبي أنه ذكرها في هذا الباب باب الادغام الكبير ويجب ان يكون الحرفان متحركان   والحق ذكره في باب الادغام الصغير

  فنرد عليهم ونقول يا جماعة أصلا هي لا تدغم والياء في الأصل مكسورة

  و لذلك الشيخ حينما استثناها في البيت , قال ......

وقبل يئسن الياء في اللاء عارض    سكونا او أصلا فهو يظهر مسهلا

فالياء الأولى الساكنة فيها امران عارضان:

 1/السكون أصله حركة قلبت إلى ياء ساكن  

/ والأمر الأخر الياء ذاتها  عارضة " فالياء فيها امران عارضان 2

الياء عارضة لأن أصلها همـزة و الياء الثانية ابدلها من الهمز فالهمز هو الذي ابدل ياء .فهو يقول :

كيف ندغم  حرفا  عارض في ذاته ,   وعارض في الحركة فهو عارض والسكون عارض

فالعلة في عدم الادغام أن الياء عارضة والسكون الذي فوقها عارض, فبالرغم من التقائها في التماثل إلا أنه استثناها من الإدغام  . ولذلك فهي غير مدغمة قولا واحدا   .

نأتي لمرحلة النطق :كيف سننطق الياء الساكنة وبعدها ياء متحركة دون إدغام .

الأمر سهل جدا : الإدغام ادخال الياء الأولى في الياء الثانية وننطق ياء واحدة مشددة ونحن لن ندغم  و ننطق الياء بتسكين الياء سكونا خفيفا دون تشديد. فلابد أن يكون فاصل صوتي دقيق جدا وهو ليس سكتا فيكون فاصل خفيف ليس سكتا .

فأهل الأداء يقولون بالفصل أو تحقيقها الذي لا يسمى سكت " فالنطق الصحيح يأتي بالتدريب وهو فصل خفيف جدا لا يسمى سكتا .

ننتقل إلى السؤال الثاني وهو عن موانع الادغام .

ذكرها الشيخ رحمه الله وهي سهلة جدا . موانع الإدغام

1/ تاء المتكلم : على اعتبار أن التاء تستعمل بالحركات كلها:ف بالضم للمتكلم وللمخاطب المذكر  كنتَ و تستعمل للمخاطبة المؤنث كنتِ .

 لن يظهر هل التاء للمتكلم أو للمخاطب فيضيع أصل التاء لذا لم تدغم.  فلو اني أدغمت

سؤال للشيخ......

 هل العلل هذه هي  التي اتت بالقراءات ؟

الجواب:

 القراءات سنة متبعة  يعني منقولة  بسندها المتصل  بالنبي صلى الله عليه وسلم :ولكن لا مانع بأن نبحث نحن عن تعليل للقراءة  . بمعنى  العلة لا تأتي بالقراءة .ولايمنع ذلك البحث عن العلة .

نستكمل موانع الإدغام .... اذا لم يكن تا مخبر يعني المتكلم  أو مخاطب و يعني المذكر

وقوله ( أو المكتسي تنوينه ) فالتنوين يعتبر فاصل بين الحرفين (سميعٌ عليم ),فالعين لم تلتقي بالعين لانه بينهما تنوين فالتنوين منع الادغام لانه في الاصل نون ساكنة .

وقوله (أو مثقلا) والثقل هو الشدة مثل قوله تعالى يوم نطوي السماء كطي السجلِ للكتب

 فلا تدغم لام السجل في اللام الثانية لأنها مشددة . , هذه موانع الادغام

ننتقل إلى كلمات اختلف فيها او كلمات  رأى البعض إدغامها او كلمات رأى البعض  اظهارها وأولى هذه الكلمات التي وقع فيها الخلاف بين الإظهار والإدغام

 1/ الافعال المجزومة ... فبعض الافعال تجزم وعلامة جزمها حذف حرف العلة مثل ....( اقتلوا يوسف اواطرحوه ارضا يخل لكم وجه ابيكم) فكلمة (يخل )اصلها  (يخلو )  بالواو فوقع الفعل في جواب الطلب اقتلو وهو فعل أمر فلما حذف حرف العلة الواو للجزم التقت اللام باللام  فاصبح هناك لام وبعدها لام فههنا   للسوسي  وجهان  في هذه الكلمة  وجه الادغام نظرا للوضع القائم ,.ووجه بالاظهار نظرا  للأصل.  وهذا هو سبب ورود الوجهان  فمن الكلمات التي ورد فيها الوجهان وتقرأ بالوجهان  كما قال الشيخ :كيبتغ مجزوما اللي هي (ومن يبتغ غير الاسلام دينا ) فأصل الكلمة (يبتغي) فحذفت حرف العلة لوقوع الفعل الشرط والتقى الغين مع الغين  ومن الكلمات ايضا (وإن يك كاذبا )فأصل الكلمة (يكن )لان اصلها في الاصل خالص( يكونو) مرفوعا فلما دخل عليه الجازم جزمنا بالسكون فالتقت الواو الساكنة مع النون الساكنة وعند التقاء الساكنين الأصل التحريك ولكن ههنا الواو المدية لا تحرك أصلا لأنها هي الساكنة المضموم ماقبلها فلو تحركت فقدت صفة المدية فبذلك حرف المد اما ان يبقى مع التقاء الساكنين ويمد مدا لازما واما ان يحذف  . يبقى ان كان واوا جماعة مثل (قل أفغير الله تأمروني أعبد )وهذا ايضا التقاء ساكنين ونون فهنا نمد  مدا لازما وتبقى  النون كذلك (أتحاجوني )وهي نفس الكلام فإما  ان تحذف واما  ان تبقى والغالب حرف المد يحذف ككلمة (ولاتتبعآن) وهنا ايضا التقاء ساكنين الياء مع النون فاذن القاعدة : الاصل التحريك بالكسر واذا خرج عن الاصل يكون لعلة ما .فهنا حذفت الواو للتخلص من التقاء الساكنين فاصبحت الكلمة (يكن ) .وحذفت النون تخفيفا هنا كما في مواضع أخرى مثل (ولم أك بغيا ) فهنا لما حذفت النون التقت الكاف بالكاف فوجد للسوسي وجهان منقولان عنه فيجوز الإظهار ويجوز الادغام .

هذا ما تيسر طرحه في هذا اللقاء المبارك وسنكمل الحديث في المحاضرة القادمة باذن الله .

نلتقي على خير باذن الله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

تفريغ الأخت /فاطمة تراوري

20 /12/1436 هـ

 

 

 

 

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

المحاضرة الثانية سحر البيان في تعدد قراءات القرآن


 
للاستماع للمحاضرة .. من هنـــــا
 
المحاضرة الثانية سحر البيان في تعدد قراءات القرآن

الهدف من الدورة : تعلم مفهوم القراءات للمتخصصين وغير المتخصصين.

نتابع بيان أن القراءات لم ترد إلا حيث يراد المعنى.

كلمة يبشر .. من الكلمات التي ورد فيها قراءتان بالتخفيف والتثقيل.

يُبشِّر .. يَبشُر .

يبشر : بالتثقيل من التبشير وهو البشارة أن يصلك ما يبشرك ( إن هذا القرءان يبشر المؤمنين) الإخبار بالبشارة.

يبشر بالتخفيف : من بَشَر مأخوذة من البِشر وهو مأخوذ من بشرة الوجه. فتعطي معنى ودلالة على أن البشارة التي بشرت بها سترى لها أثرا على بشرة الوجه. تتطلب منك العمل للوصول لمرحلة البِشْر.

يبشُر بالتخفيف أي أن البشارة التي بشرك بها القرءان سيأتي وقت ويظهر لها أثر على وجهك في القيامة ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن )

هناك موضع وحيد لم ترد فيه قراءتان في سورة الحجر ( قال أبشرتموني على أن مسنى الكبر فبم تبشرون) بالتشديد. لأن ظهور أثر البشارة غير مطلوب لأن المطلوب هنا أن الخليل إبراهيم يستنكر البشارة لأنه استقبلها بالأسباب البشرية المانعة من الانجاب. ( قالوا بشرناك بالحق) فلأن قراءة التخفيف ليس لها دلالة هنا فلم ترد.  بسبب بُعد السبب وكبر إبراهيم في السن.

العقيم – العاقر :

العقيم : مثل زوجة إبراهيم , من البيس حتى في بداية حياتها الانجاب ممتنع. ( وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ) . هنا المرأة لا تقبل ماء الرجل.

العاقر : مثل زوجة زكريا ,  رحمها يقبل ماء الرجل إلا أن هناك خلل ما .

( الحمد لله الذي وهب لي على الكبر ) بعض أهل اللغة قالوا : (على الكبر) حرف استعلاء ويريد (مع) التي تفيد المصاحبة . وهذا غير صحيح .

أراد الله ان يشير إلى أن الكبر من الاسباب البشرية المانعة من الانجاب ولكن إرادة الله عندما يريد تنفيذ إرادته تستعلي إرادته على كل الاسباب البشرية التي تمنع سبحانه وتعالى.

مثال آخر : واعدنا –وواعدنا

واعد : من طرفين , وعد : من طرف واحد .

البعض يقول الوعد بين موسى وربه كان من طرف واحد , نقول له أبدا موافقة موسى وذهابه يدل على المفاعلة من جانب موسى وبين رب العباد عندما وعد موسى.

بدليل أن القرءاتان لم ترد إلا في قصة موسى عليه السلام. أما قوله تعالى ( أفمن وعدناه وعدا حسنا ) ( أو نرينك الذي وعدناهم )  هل وردت قراءة واعد هنا ؟ سواء في موضع القصص أو موضع الزخرف .؟  لا .

-        الدعوة إلى التدبر عند تلاوة القرءاة .

سؤال : لماذا لم ترد القراءتان في الزخرف والقصص ؟ لأن معنى المواعدة لم يقع بل هي وعد فقط .

وهذا دليل على أن القراءات وحي منزل من عند الله . فكل قراءة لها دور في المعنى بالضرورة.
 

مثال آخر : أف

القراءات الواردة 3 : أفٍ – أفَ – أف ِ 

عند أهل اللغة والتوجيه هي لغات في تلك الكلمة . ونحن نوافق ولكن أحيانا مجرد ذكر اللغات في الكلمة لها دلالة في المعنى  فقط تحتاج من يستنبط .

كلمة أف: اسم فعل مضارع بمعنى اتضجر.

سر التعبير في اختيار كلمة أف : أصل معنى أف

المعنى الأول : معنى التضجر. أن الإنسان إذا وقع على ملابسه بعض الغبار يتأفف أو يتضجر.

وهنا معنى أدنى التضجر.

المعنى الثاني: أن الانسان إذا شم رائحة كريهة حتى الان.

المعنى الثالث : فيه معنى التحقير أن الانسان إذا احتقر شيئا يتأفف . وهذا المعنى هو الذي ورد في قصة خليل الرحمن إبراهيم ( أف لكم ولما تعبدون من دون الله ) أي تحقيرا لكم ولما تعبدون.

نأتي الان لربط المعاني أمام الوالدين ..

 المعنى الأول أنت مطالب بعدم التضجر أدنى تضجر أمامهم.

والمعنى الثاني الرائحة الكريهة أن الوالدين ربما وصلوا إلى مرحلة عمرية تحتاج الى رعاية خاصة فقضية التحمل منح لا يستطيع تحملها الكل. لأن هذه المسألة قد تؤذي الوالدين دون أن تدري. فالمريض عندما يدخل عليه أحد يدقق في ملامح وجهه ليرى بدقة البشارة أو التأفف.

المعنى الثالث التحقير لا نحقر إبدا من صنيع قام به الوالدين ربما بقطعة شوكولاتة بسيطة أو بشئ بسيط, فممكن الأبناء يتأففوا من صنيعهم.

والان المعاني للقراءات الواردة..

القراءة بالتنوين وعدم التنوين .. كلمة أف باعتبارها اسم فاعل تأخذ قواعد من الاسماء والافعال باعتبارها اسم تتعرض للتعريف والتنكير , فالاسم اذا أردنا أن نعرفه ندخل عليه ال التعريف وإذا أردنا أن ننكره نحذف ال التعريف, اسم الفاعل إذا أردنا أن ننكرها ندخل عليه التنوين ويسمى اسم تنوين التنكير. فالكلمة الان عامة شائعة لأنها نكرة فالتنكير معناه الشيوع والعموم.

فالكلمة أفٍّ : تفيد العموم أي لا تتضجر أمامهما لا بسببهما ولا بغير سببهما.

مثل : الدخول عليهم بوجه عبوس بسبب ضيق من المدرسة.

فقراءة التنوين تفيد العموم والشيوع.

 هنا كلام رائع لفضيلة الشيخ عن بر الوالدين.

أفِّ : بدون تنوين .. معرفة والمعرفة معناها لا تتضجر منهما .

( إما يبلغن عندك الكبر ) العندية هنا ما لزومها ؟ معناها عندك أي تحت رعايتك وتحت كنفك.

# الدليل على أن القراءة لاترد إلا حيث يردا المعنى أن هناك من القراءات في القرآن أتت في موضع وحيد مختلف عن باقي القرآن .

مثال : وقال نسوة  .

الفعل ماضي ونسوة فاعل والفاعل مؤنث حقيقي وليس مؤنث مجازي , والفاعل إذا كان مؤنث تأنيث حقيقي يجب تأنيث فعله لماذا هنا لم ترد قراءة أخرى .؟؟

اتفقوا القراء هنا على هذه القراءة ( وقال نسوة ) ولا حتى قراءة شاذة.

لماذا لم يؤنث الفعل؟

نسوة اسم جنس جمعي لا مفرد له من لفظه. يجوز في فعله التذكير والتأنيث , وأي فاعل جمع يجوز في فعله التذكير والتأنيث , إذا كان المقصود قلة العدد نغلب التذكير وإذا كان المقصود كثرة العدد نغلب التأنيث, لذلك لم يتحدث عن امرأة العزيز إلا  نسوة قليلة العدد في المدينة . لذلك لم ترد قراءة التأنيث وقالت نسوة ستجعل العدد كثيرا ويصبح هناك تناقض في القرائتين. وحاشا ذلك في كلام الله.

مثال آخر : المحصنات

الكسائي يقرأ بكسر الصاد في كل القرآن إلا الموضع الأول ..

المحصِنة بالكسر اسم فاعل وهو ذات وحدث والذات أحدثت الحدث . يعني كاتب دلت على ذات واحد كتب والحدث هو الكتابة, فالمحصِنة بالكسر هي التي أحصنت نفسها بالعفة وبانتظار إرادة الله فيها.

المحصَنات بالفتح اسم مفعول  أحصنها غيرها بالزواج .

( والمحصنات من النساء ) معطوفة على المحرمات من النساء على الرجل الزواج منهن يعني يحرم على الرجل الزواج بالمرأة المتزوجة. ماذا لو وردت هنا قراءة الكسائي ؟ لكان المعنى يحرم على الرجال الزواج بالمرأة العفيفة فيفسد المعنى.

قراءة شاذة وردت هنا : استئناف بياني

# الخطوة الأولى في التدبر .. أن أعرف متى أسأل وكيف اسال ..

سورة الغاشية ( وجوه يومئذ خاشعة )   ( وجوه يومئذ ناعمة )

سورة الأعلى ( وجوه يومئذ مسفرة ) ( ووجوه يومئذ عليها غبرة )

لماذا عطف في سورة الاعلى ولم يعطف في الغاشية؟

هناك صنفين من الناس صنف ذليل وصنف منعم

ألا ينبغي أن تعطف ( ناعمة ) على ( خاشعة) دليل على أن الواو هنا غير مرادة.

الوجوه المسفرة وعليها غبرة مصيرها مختلف. فهم فريقان , الله سبحانه افتتح السورة بهذا السؤال ( هل أتاك حديث الغاشية) اسلوب تربوي ابدئي دائما هل تعلمون كذا؟

فذكر أن هناك وجوها في هذا اليوم ستكون ذليلة فكأن الوجوه الذليلة هي المرادة بالسؤال عن حديث الغاشية, فلما انتهى في الكلام عنهم سيثور سؤال في ذهن المستمع : ماذا عن المؤمنين الصالحين؟ فقال ( وجوه يومئذ ناعمة ) بدون عطف حتى لا يدخلوا في السؤال عن حديث الغاشية فيفزعهم السؤال عنهم بأسلوب الاستئناف البياني. حديث الغاشية للمقصرين.

سورة عبس هل ابتدئها الله بالسؤال عن حديث الغاشية ؟ لا

ذكر سبحانه الصاخة ثم قسم الناس الى فريقين ثم بدأ بأهل النعيم ثم عطف وجوه عليها غبرة.